كيف أعود طفلي على القراءة ؟
في ظل انتشار هوس الهواتف والألواح الالكترونية بين الأطفال، ومحاصرتهم بالتسارع الرقمي، بات دق ناقوس الخطر والتحذير من مغب ذلك على تفكير الأطفال وصحتهم النفسية والذهنية مهما جدا.
ولأن القراءة تعد أحد أهم العادات التي قد تقي الأطفال شرور الحياة الافتراضية والرقمية، ينصح العديد من الاختصاصيين النفسيين والخبراء بضرورة تعويد الأطفال على القراءة.
في مقالنا هذا، سنحاول استعراض أهم الأساليب والوسائل التي تساعدك على تشجيع ابنك على المطالعة، وقبل ذلك حاولنا الحديث عن أهمية القراءة ودورها في تطوير قدرات ابنك، مع التعريج على بعض المجالات الكتب التي من المرجح أنها ستثير اهتمام الأطفال والمراهقين.
أهمية القراءة للأطفال:
-
تنمية اللغة: بطبيعة الحال، تساعد القراءة على تنمية المهارات اللغوية لدى الأطفال، واكتساب كلمات جديدة.
كما تحسن قدرتهم على استيعاب العلاقات اللغوية، ومن ثم تدريبهم على الفصاحة والخطابة وطريقة الكلام الصحيحة.
-
تطوير الخيال: القراءة للأطفال كعالم مليء بالأسرار والحكايات والأحجيات، إنهم بالقراءة يفكون رموز هذا الوجود.
ولأن الأطفال يميلون إلى بعث تصورات خيالية، تمدهم القراءة بمواد خام لرسم عوالمهم الخاصة بهم.
فقراءة القصص والكتب تنمي ملكة الخيال وتجعلهم أكثر قدرة على الإبداع، لأنها لا تدس صورا جاهزة متراكمة كما يحدث عند استعمالهم للهواتف والألواح الالكترونية، بل تجعلهم أحرارا في تصور الأمكنة والأزمنة والأشياء كما يحلو لهم.
-
تحسين التواصل الاجتماعي: في الوقت الذي ينغلق آلاف الأطفال حول العالم في عزلة مريبة بسبب العوالم الافتراضية التي يقحمون طفولتهم فيها، تساعد القراءة على إخراجهم من قوقعتهم، وإشباع قدراتهم بمهارات التواصل والخطاب، الأمر الذي يساعدهم على بعث المحادثات وتبادل الأفكار على نحو أكثر انفتاحا وحرية.
-
تعزيز الثقة بالنفس: مما سبق، يتجلى أن دورالقراءة يشمل العديد من جوانب شخصية الطفل.
فهو يعزز قدرتهم على التواصل والابداع وتنمية المهارات الاجتماعية المختلفة، ومم ثم فالقراءة تعززز ثقة الطفل بنفسه وتمنحه القدرة على التعامل باتزان ووعي باحتياجاته وواجباته.
-
تطوير طرق التفكير: القراءة ترحال وسفر لعوالم مختلفة، ومن ثم فهي تساعدهم على توسيع آفاقهم، وبعث رؤى جديدة، والالتفات لمختلف أبعاد الأمور.
حيث وسواء تعلق الأمر بالقصص أو الكتب التثقيفية، تبقى القراءة من أكثر الوسائل والسبل التي تطور طرق التفكير وتساهم في نضج الأطفال.
-
حمايتهم من الأمراض النفسية: من المهم على الآباء الاهتمام بصحة الأطفال النفسية، إذ يعاني العديد من الأطفال من بعض الاضطرابات والسلوكيات الخاطئة، على غرار الانطواء، الخوف، اضطرابات القلق وغيرها.
ولقد أثبتت الدراسات على فاعلية القراءة في تخليص الأطفال من الضغوط والتوتر، وحمايتهم من التعرض للمشاعر السلبية والسيئة.
وذلك عبر ملأ أوقات الفراغ، وتحصين شخصياتهم وتطويرها.
-
تحسين مردودهم الدراسي: يميل الأطفال الذين يمارسون هواية القراءة للاستمتاع بالدراسة وابداء شغف أكثر مقارنة بالتلاميذ الآخرين. وذلك لأن القراءة تساعد - كما ذكرنا آنفا - على تطوير مختلف مهاراتهم ومم ثم تسهيل قدرتهم على التعلم.
كيف أعود طفلي على القراءة:
بعد أن عرفنا أهمية القراءة للأطفال، حان وقت عرض أبرز الأساليب التي تساعدك على تشجيع طفلك على القراءة.
أولا: كن قدوته !
ببساطة، ليس من السهل أن يتعود طفلك على القراءة في حال كان الآباء لا يمارسونها بشكل دائم، فإن كنت ترغب في تعويد ابنك على القراءة، لابد من أن تكون قدوته في ذلك.
احرص على القراءة، والحديث حول مدى أهميتها.
اعتن بمكتبتك، وحاول تخصيص وقت للقراءة، هذا سيثير فضول طفلك وشغفه اتجاه عالم الكتب.
يمكنك أيضا أن تناقشه حول ما قرأت وتتحدث له عن موضوع الكتاب، ذلك يجعل من القراءة فعلا جادا ومهما بالنسبة له.
ثانيا: جهز مكتبته الخاصة.
أن تخصص ركن القراءة الخاص بطفلك من بين أكثر الأمور التي تشجعه على ادمان القراءة، لأن ذلك يساعده على الالتزام، والتعود على أجواء الكتب، ويثير فضوله ويحول اهتماماته نحوها.
حاول أن تجعله يشارك في تجهيز ركن القراءة، عبر اقتراح أشكال الرفوف أو تصميم مكتبته الخاصة، فمن المعروف عن الأطفال تعلقهم بالأشياء والأمور التي يشاركون في تجهيزها.
ثالثا: اذهبا معا لاقتناء الكتب.
تعد مرحلة شراء الكتب من بين أمتع اللحظات التي قد يمر بها صغيرك، حاولي أن تجعلي من هذه اللحظات لحظات مميزة، وأن تصنعي منها ذكريات تخلد القراءة بذهنه على نحو لذيذ.
اقترحي عليه اعداد قائمة بالكتب أو العناوين التي يرغب في الاطلاع عليها، يمكنك مساعدته بمشاركته البحث عن عناوين مميزة تثير اهتمامه. ثم اخرجا معا في موعد مرح لشرائها.
حاولي ان تربطي ذلك بذكريات لطيفة حتى تبقي على عادة شراء الكتب عادة مميزة ومقدسة.
بالمناسبة، سيساعدك ذلك على تحسين وتعزيز علاقتك بطفلك والثقة بينكما.
رابعا: حفزه على القراءة بالجوائز.
إن كان طفلك من النوع الذي يتشجع عبر الهدايا، لا ضير من أن تربطي القراءة ببعض الوعود المحفزة، كشراء الهدايا او الألعاب التي يرغب في اقتنائها.
شجعيه على اتمام فصول كتابه مقابل تقديم هدية لطيفة له.
ستجدين أن طفلك مستمتع بالقراءة ومقبل عليها، مع مرور الوقت.
خامسا: أقم مسابقة قراءة صغيرة في بيتك.
من بين الأفكار التي قد تساعد الطفل على القراءة، منافسته على ذلك !
حاول بعث تحديات منزلية خفيفة، وإقامة مسابقات بين أفراد الأسرة حول القراءة.
كالمنافسة على من يقرأ أكثر عدد من الفصول في كتابه، أو من ينهي كتابه أولا، مع الحرص على تلخيص الأفكار المكتسبة ومناقشتها، حتى تضمن الفائدة والمتعة معا.
اقرأ عليه صفحة كل يوم !
داوم على القراءة لأطفالك، على الأقل صفحة كل يوم، الاستماع لك سيجشعهم تلقائيا على القراءة واللغة.
اجعل أسلوبك في القراءة طريفا وممتعا، واختر عناوين مناسبة تثير اهتمامهم.
سادسا: قلل من استخدامه للهاتف.
طبعا، إن كنت مدمنا على الهاتف، فلا تنتظر من طفلك أن يدمن كتبه! حاول أن تبتعد قدر الامكان عن استعمال الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي إلا عند الضرورة، حتى تساعد طفلك على استيعاب الأولويات.
بالمقابل لا تسمح لابنك من التواجد لمدة طويلة أمام الشاشات بل ساعده دائما على أيجاد البدائل الأكثر نفعا وناقشه في ذلك.
بعض الكتب المهمة للأطفال :
-
الكتب العلمية: من المهم أن ترشح عناوين كتب علمية للأطفال، لأن هذا يجعل فضولهم تجاه الأشياء والمحيط من حولهم يأخذ منحى إبداعيا يجعلهم يرغبون في البحث والاكتشاف والتساؤل. هناك الكثير من المواضيع التي تثير اهتمام الأطفال على غرار: عالم الفضاء، المجرات، الطبيعة، الحيوانات، قوانين الفيزياء .. وغيرها من المواضيع.
احرص على أن تكون مبسطة وواضحة وتعتمد أسلوبا شيقا.
ستساعد الكتب العلمية على تطوير ذكاء طفلك وتنمية مهاراتهم.
-
القصص والروايات: يحب أغلب الأطفال قراءة القصص والروايات.
في الحقيقة يساعدهم ذلك على تطوير ملكة الخيال وتحسين لغتهم وطريقتهم في السرد والتواصل، كما أن كثيرا من القصص والكتب الأدبية تحمل معان عميقة تؤثر إيجابا على شخصية الأطفال.
-
الكتب التنموية: إن كتب التنمية، تلعب دورا لا يستهان به في تعزيز ثقة الأطفال وتطوير مهاراتهم وتقوية شخصيتهم.
حيث تحمل هذه النوعية من المؤلفات نصوصا ملهمة وقصصا تحفيزية، ونصائح مهمة بأسلوب شيق.
الأسئلة الشائعة:
في أي سن يمكن تعويد الأطفال على القراءة؟
دون مبالغة، يمكن البدء على تعويد طفلك على القراءة منذ الشهر الخامس في بطنك!
أي نعم، منذ قدرة الجنين على الاستماع، حاول أن تقرأ لطفلك وتتحاور معه، إذ أثبتت الدراسات أهمية ذلك على ذكاء الطفل وتوجهاته وبناء شخصيته.
عند ولادته، لا تتردد في قراءة القصص لطفلك بشكل مستمر، حتى وإن بدى لك أنه لا يستوعب، بالعكس من ذلك، يحب الأطفال ويهتمون بما يقرأه الآباء لهم، خاصة إن رافق ذلك تعابير وجه مرحة وطريقة سرد ممتعة.
أيضا، منذ الولادة، يمكنك شراء الكتب لطفلك، تباع للرضع كتب قماشية أو كرتونية صلبة تساعدهم على التعود على الكتب ومن ثم الاهتمام بالقراءة.
هل يمكن أن أتدارك الوضع حتى بعد بلوغ طفلي سن المراهقة؟
لم يتأخر الوقت أبدا حتما!
يمكنك تعويد أطفالك على القراءة في أي وقت، يحتاج الأمر منك فقط المحاولة والاصرار على الحديث عن أهمية القراءة واقتراح بعض الكتب مع اتباع الأساليب السابقة من أجل غرس ثقافة المطالعة لديهم.
التعليقات :
لا يوجد تعليقات على هذا المقال